-لا أحد يعلمنا كيف نحبّ .. كيف لا نشقى .. كيف ننسى .. كيف نتداوى من إدمان صوت من نحب .. كيف نكسر ساعة الحبّ .. كيف لا نسهر .. كيف لا ننتظر .. كيف نقاوم تحرّش الأشياء بنا .. كيف نحبط مؤامرة الذكريات .. وصمت الهاتف . كيف لا نهدر أشهراً وأعواماً من عمرنا في مطاردة وهم العواطف .. كيف نتعاطف مع حلاّدنا من دون أن نعود إلى جحيمه .. كيف ننجو من جحيمه من دون أن نلقي بأنفسنا في تهلكة أول حب .. كيف نخرج من بعد كل حبّ أحياء وأقوياء . وربّما سعداء .
-هل من يخبرنا ، ونحن نبكي بسبب ظلم من أحببنا ، أننا يوماً سنضحك مما اليوم يبكينا ؟ سنندم كثيراً لأننا أخذنا الحبّ مأخذ الجد . فلا أحد قال لنا أنه في الواقع أجمل أوهامنا وأكثرها وجعاً .
-لماذا اخترت النسيان فصلاً أولاً وليس الحبّ ؟ لأن النسيان يؤسس الحبّ ذاكرته الجديدة ، ومن دونه لا يمكن لحبّ أن يولد . ولأنه الفصل الذي يتفوق فيه علينا الرجال ، ويذهلوننا بقدرتهم على التعافي والشفاء ، بينما تترك بعض النساء سنوات من أعمارهن ، فائض قيمة مضافة .. ثمناً لنسيان رجل سبق لحبه أن أخذ منهم سنوات أخرى .
-اصمدي ! اعرف صديقة أبدعت في الحالتين ، كانت قد انفصلت عن الرجل الذي تحبه قبل أشهر ، فلم تطلبه في عيد ميلاده رغم كونها تعرف تماماً التاريخ بحكم السنوات التي اختفلت فيها به . ثم في العام التالي هاتفته في المناسبة إياها ، ولم يصدق أن تكون تذكرته أخيراً ، لكنها عكرت عليه فرحته حين قالت ببراءة ماكره « ماهاتفتك العام الماضي في عيد ميلادك لأنني كنت مازلت أحبك وأقوم بجهد الإمتناع عن الاتصال بك . لكن ، وقد انطفأت تلك الحرائق منذ ذلك الحين ، أصبح بإمكاني اليوم أن أتمنى لك من قلبي عيد ميلاد سعيد ا »
-كلما اتسعت القطيعة تحوّل الحب إلى ضرب من المنازلة العاطفية الموجعة . كل واحد يريد من خلالها ليّ ذراع الثاني ، مراهناً على أن الآخر لا بد أن تهزمه الأشواق ، وأنه حتماً أول من سينهار ويرفع السماعة أو يرسل رسالة هاتفية ، لكن غالبا ما ينقلب السحر على العاشق . وبدل أن يقرب البعاد المحبين . بفرقهم نهائياً ، ويبدأ عندها كل واحد بالتشكيك في عواطف الآخر وينوب عن شوقه إليه حقده عليه ، وعندها تغدو لا رغبة لكل واحد إلا بالانتقام لكرامته العاطفية . ومايرى فيه الردّ الأكثر إيلاما للآخر . لعبة غبية وسادية قد يمتد دمارها إلى سنوات عدّه . حب كهذا لا يليق بغير النفوس المريضة . لقد وجد الحب لنتحدى به العالم لا لنتحدى به من نحب . في الواقع كانت لمة واحدة تكفي . كان يكفي رنة هاتف وصوت يباغتك بقول « اشتقتك » « مانسيتك » « احتاجك » لكن لا هاتف يدق. والحب الذي ولد وسط شلالات الكلمات الجميلة .. يموت لأن كلمة واحدة تنقصه !