دفاتر القمر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


لغة القمر يتكلمها البشر فوق صفحات دفاتر القمر
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر




مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Empty
مُساهمةموضوع: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Icon_minitime26/4/2008, 20:01

اخوتي واخواتي اعضاء المنتدى

هذه حكاية اسير سوري لدى اسرئيل عاد الى وطنه فسجن في بلده وسأكتبها لكم على عدة أجزاء وتواصلكم معي سوف يشجعني على اتمام هذه المذكرات
ودمتم

محمد نعناع
اسير سابق لدى اسرائيل

الجزء الاول
بسم الله الرحمن الرحيم
--------------------

أحد فصول العذاب
=========
في صباح يوم من أوائل أيام الشتاء وتحديدا" في 20 - 10 - 1983 ... كنت ورفاقي التسعة نخرج من زنزانة ضيقة مساحتها أربعة أمتار مربعة ... كنا قد أمضينا فيها ليلتنا الآخيرة من الاسر عندالاسرائيليين
بدأ جنود العدو بتفتيش ثيابنا وأمتعتنا التي كنا نحملها من أعمالا يدوية ... كنا نقوم بصنعها ضمن المعتقل ... لم نكن نشعر بالخوف من الصهاينه ... وكنا قد أخذنا قليلا من حريتنا داخل المعتقل ... بعد أن قدمنا بعض التضحيات من جرحى وقتلى ...

والحرية لا تأتي بدون ثمن ... وثمن الحرية هو الدم :
وللحرية الحمراء باب ...بكل يد مضرجة يدق

كنا قد توصلنا مع العدو الاسرائيلي على مفردات وصيغ تصون بعضا" من كرامتنا بعد أن قدمنا هذه التضحيات ... كنت لا أصدق بأن الاسرائيليين سوف يطلقون سراحنا ... فقد كذبوا علينا كثيرا" ... وكنت أعتقد بأنهم سوف ينقولوننا الى سجن آخر... جاء الصليب الاحمر الدولي وكان أكثرهم من النساء ... جاؤوا لكي يرافقوننا في طريق العود الى بلادنا .
قدم لنا اليهود وجبة الافطار الصباحية ... وأعطوا كل اسير أربعة علب من التبغ المصنع اسرائيليا" ...
دقت ساعة الصفر ... وبدأت مرحلة العودة الى الوطن ... فصعدنا الى الحافلة التي سوف تقلنا ...
بدأ الباص بالتحرك برفقة مندوبين الصليب الاحمر الدولي ... ونحن نرقص ونغني مبتهجين باطلاق سراحنا ... وكنا نحمل أشواقا" لكل شيئ" في بلادنا ... ومن كثرة الحنين الذي قتلني اشتقت للحجر والشجر قبل البشر ... وكنت قد نذرت على نفسي أن أقبل تراب الوطن قبل أن تطأ قدمي عليه ... وكنت أفكر باللقاء الذي يجمعنا مع أحبتنا عند الحدود السورية الاسرائيلية وآتساءل بيني وبين نفسي عن نوعية ذلك اللقاء ... هل سيكون حارا" ...؟! ... يالله ... يالله ... ماأجمل ذلك اللقاء ... وماأجمل الناس الذين سوف يستقبلوننا ... وماأجمل تلك اللحظات ... وينقطع حبل تفكيري وشرودي بلمسة من رفيقي أو هزة من هزات الباص الذي يسير باتجاه فلسطين ( اسرائيل ) .
نحن كنا في جنوبي لبنا ن وفي منطقة اسمها ( انصار ) ... كان قد بنى الاسرائيليين عليها هذا المعتقل وسمي بمعتقل انصار وكنت قد أمضيت سبعة عشر شهرا" في ذلك المعتقل ... وخلالها كنت ورفاقي في الاسر منعزلين عن العالم أجمع ولانرى أحدا" من البشر ... كنا نعيش حياة همجية وبربرية ونحن في القرن العشرين ... كنا كطرزانا" يعيش في غابات افريفيا وخرجنا الى المدنية والبناء ... فبهرتنا هذه الحضارة ... كنا كاأطفالا نعيش في بطون أمهاتنا وخرجنا الى الحياة ... فبهرتنا هذه الحياة ... كنا كبشر نعيش في كوكب واكتشفنا بأن هناك حياة بشرية أخرى في كوكب آخر ...
كنا نعيش في زمن الانظمة الفاسدة
لا أستطيع أن أوصف هذه المشاعر بالقلم ... ولا يستطيع أي قلم في العالم أن يوصف مشاعري في تلك اللحظات الرائعة التي خرجنا فيها من المعتقل ... لقد خرجنا من الظلمة الى النور ...
كان هناك بعض النسوة والاطفال اللبنانيين يهتفون ويلوحون لنا بالمناديل ونحن خارجون من المعتقل ... وكانوا ينثرون الارز بأياديهم ... يالله ... ما أجمل هذا ... انهم يحيوننا كأننا أبطال ...
فهل نحن أبطال ...؟!
الله أعلم ... فكل اسير منا له قصته ومعاناته الشخصية ...
هاهي المسافات تقطع ...
هاهي فلسطين الحبيبة تنادينا ...
فلبينا النداء ودخلناها ...
ولكن دخلناها مأسورين ...
فهل سيأتي يوم علينا ندخلها فاتحين ...؟
لا أظن ذلك في الوقت القريب ... فنحن الآن في زمن الفضائح والخيانات العربية ... نحن في زمن بيع الأوطان ... وبأبخس الأثمان ... نحن نعيش في زمن المتاهة والضياع ... نعيش خارج التاريخ والزمان والمكان ...
اخيرا" وصلنا الى الحدود السورية الاسرائيلية ... وبدأنا بالنزول من الباص ...
كان هناك أحد الضباط الاسرائيليين الكبار بالعمر والرتبة يلبس بذة عسكرية مقلدة بالأوسمة الكثيرة يصافح باليد كل اسير ينزل من الباص ... وجاء دوري فصافحني معتذرا" ومتحدثا" باللهجة العربية السورية وبطريقة دعابية عما بدر منهم من معاملة سيئة خلال وجودنا في المعتقل فقال ( ستروا ما شفتوا منا ولا تعيدوها ومع السلامة وسلموا ) .

والى اللقاء في الجزء الثاني
وتصبحون على وطن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عمر
عضو فضي
عضو فضي



ذكر
عدد الرسائل : 1088
العمل/الهوايه : السباحة
نقاط : 29261
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Icon_minitime26/4/2008, 20:19

اخي كلمات مؤثره اتمنى التواصل منك واهلا بك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mison
عضو فعال
عضو فعال



انثى
عدد الرسائل : 460
العمل/الهوايه : قراءه
نقاط : 29300
تاريخ التسجيل : 25/04/2008

مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Icon_minitime27/4/2008, 00:20

وصف مؤثر لحاله مريبه عاشها اسير بطل
تحيتي لك محمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
SUZANNE
الإدارة العامة
الإدارة العامة
SUZANNE


انثى
عدد الرسائل : 4493
العمل/الهوايه : اذاعيه وشاعره
بينات شخصية : الفرد للجميع والجميع للفرد
نقاط : 32971
تاريخ التسجيل : 15/04/2008

مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Icon_minitime27/4/2008, 15:06

الغالي محمد
يمكن اسر الجسد ولكن لا يمكن اسر الروح
مذكرات مؤلمه دعنا نشاطرك بها احساسك ومشاعرك
اهلا بك في بيتك وبين اخوتك واهلك
محبتي مع كل الود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://suuus.yoo7.com
sweet-aloona
عضو ذهبي
عضو ذهبي
sweet-aloona


انثى
عدد الرسائل : 2763
العمل/الهوايه : كتابة الشعر والخواطر
نقاط : 32973
تاريخ التسجيل : 22/04/2008

مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Icon_minitime27/4/2008, 22:56

اخي الغالي محمد
هنالك الكثير من القلوب المظلومه
وانت كان قلبك مظلوم باسر جسدك
هذه مذكرات اي ذكريات مع انها قاسية
لكنها ستبقى ذكريات من الماضي
لشخص تحمل الكثير وانسان رائع مثلك
سلم قلبك ايها الغالي ويعطيك الف عافيه

...لك مني كل الود...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://suuus.yoo7.com/
admin
Admin



عدد الرسائل : 28
نقاط : 29304
تاريخ التسجيل : 01/04/2008

مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Icon_minitime29/4/2008, 00:10

.

الغالي العزيز محمد لعل الحياة تكون سجن

أصغر بكثير من زنزانة أسير ولعل الوطن

ذات يوم يصبح سجن ولعل القلوب تصوم

عن الحق فدعنا نشاطرك كل ما يجول في

خفايا كلماتك من مآسي وأحزان اهلا بك

في بيتك ومنتداك وسلم قلبك ودام تواجدك

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://suuus.yoo7.com
زائر
زائر




مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Icon_minitime30/4/2008, 21:00

الى الاخ ... عمر ... والى الاخت ... mison
شكرا لمرورك الكريم
وسأبذل مافي وسعي لأتواجد معكم ان شاء الله
دمت بخير


الى الاخت ... mison
شكرا لمروك الكريم
وأهلا بك



الى الاخت ... suzanne ... sweet-aloona
مهما حاول الظالم أن يسجن فكر الانسان مع جسده , فلن يستطع أن يفعل ذلك , لن يستطع أن يحبس الهواء , لن يستطع



الى ... Admin

ربما نكون الحياة سجن ... ربما تكون الاوطان سجن ...

وربما يكون السجن ليس بسجن

فالحياة مليئة بالافراح ومليئة بالحزن

ولاسعادة دون شقاء

ولا فرح دون حزن


ولاحياة دون أمل



و
تحياتي للجميع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Icon_minitime30/4/2008, 22:15

الجزء الثاني
---------

في الطريق الى الوطن
===========

لم يعد يفصلنا عن تراب الوطن الا أمتارا" قليلة يشغلها موظفون عسكريون من قوات الامم المتحدة مصطفون على جانبي الطريق

وواقفون باستعداد رافعين بالتحية العسكرية احتراما" لنا

كانت الامنيات كثيرة - وكانت الاحلام تزين لي الاستقبال الكبير من قبل أبناء الوطن

فقد كان رفاق الاسر في المعتقل قد قالوا لنا بأنكم عندما تدخلون الى سورية سوف يستقبلونكم استقبالا" كبيرا" ويدخلوكم الى

المستشفى ( الحجر الصحي ) ثلاثة أيام لكي يفحصونكم فحصا" عاما" لانهم يخافون عليكم من الامراض التي قد يصدرها

الاسرائيليين الى سورية – وخلال هذه الايام الثلاثة يحققون معكم تحقيقا" سريعا" ويبعثون بكم الى اهاليكم

ابحرت عيوني على بعد مائتي متر تقريبا" وهي المسافة التي تفصلنا عن المستقبلين السوريين الذين كانوا بانتظارنا

كانت اللهفة كبيرة والاشواق كثيرة - وها هو قلبي يدق بسرعة من الفرح - هاهي بلادي - هاهي سورية

يالله ... هل أنا أحلم ...؟

ما كنت أصدق بأني سوف أرى بلادي ثانية ولذلك كنت قد نذرت على نفسي أن أقبل ترابك يا وطني

انتهت رحلتنا مع الاسرائيليين ...

انتهت رحلتنا مع المآسي والعذاب ...

هكذا كنت أظن ...؟؟؟!!!

ها هم مندوبات الصليب الاحمر الدولي يهنئوننا بالسلامة ... انهم يبدون كأنهم من الملائكة - فهم حسناوات وشقراوات ... نعم

انهم ملائكة بالمقارنة مع الصهاينة - فقد كنت أشعر معهم بالأمان ... كانوا يرافقوننا من بداية الرحلة وكانوا يبتسمون لنا

ويداعبون هذا وذاك ... كانوا يتكلمون بلغة عربية ركيكة وعندما تصعب عليهم أي كلمة عربية كانوا يلفظونها بالانكليزية وكنت

أفهم عليهم بعد أن تعلمت بعض الانكليزية خلال فترة الاسر

عندما كان الاسرائيليين يقررون الافراج عن بعض الاسرى - يأتي مندوبون ومندوبات الصليب الاحمر الدولي فيجتمع مع كل

اسير ويسألونه عن البلد الذي يود الذهاب اليه

جائتني مندوبة الصليب الاحمر الدولي أكثر من عشر مرات لتسئلني عن البلد الذي أود أن أذهب اليه وأنا أقول لها : أريد الذهاب

الى بلدي سورية - فكانت تقول : ألا تخاف على نفسك من أن يذبحوك فأقول لها : ولماذا يذبحونني وأنا (صفحتي بيضاء )

في بلدي ولم أقم بأي عمل يخالف القانون فتجيب قائلة : ان الناس الذين ذبحوا ويذبحوا هل قاموا بشيئ ضد القانون وتضيف : كلا

لم يفعلوا شيئ ولكن لانهم لا يحبون رئيسكم ... فرفضت هذا الكلام وأبلغتها قراري بأني أود الذهاب الى بلادي ... فبدأت تزين

لي الحياة الكريمة التي يعيشها الناس في البلاد الاوربية وبأن حياتي كلاجئ سياسي لن ينقصها شيئ وانهم سوف يأمنون لي السكن

والمعيشة ... واخيرا" الجنسية التي تخولني الذهاب الى أي بلد عربي ...

بدأت أفكر في هذا الكلام ونفسي تراودني على ذلك - فهل أسمع كلامها ...؟

ان الكثير من أبناء وطننا العربي يحلمون بالسفر أو الهجرة الى البلاد الاوربية لما فيها من مزايا حسنة ... وهاهي الفرصة تقدم

تقدم لي وعلى( صحن من ذهب ) بدون تعب أو شقاء فهل أستغلها وأوافقها وأعيش حياتي بعيدا" عن وطني كلاجئ سياسي في

بلاد الغربة ...

قيل لي بأن هناك الكثيرين من الاسرى قد ذهبوا كلاجئين سياسيين الى ( المانيا وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا ) ... فهل أوافقها على

ذلك ... ؟

فانها تنتظر الجواب النهائي ...

حينها سمعت صوت أمي يناديني وتقول لي :

تعال يا بني لقد اشتقت اليك ...

هاهي جميلة الجميلات تغريني ... هاهي مندوبة المندوبات تنصحني ... فأي بلد تختاره للذهاب اليه ... أبريطانيا تعجبك ...

أم تريد ألمانيا

... ترددت واحترت قليلا ولكن صوت أمي الخافت والحنون بدأ يعلو ... ان الدم في شراييني يتدفق بسرعة ... صعد الدم الى وجهي

وأحسست بأنه سيتفجر ... ان هذا الصوت القادم من أعماقي غلب جميع الاصوات ... ان هذا الصوت أصبح يناديني بقوة ...

فتغرغرت الدموع في عيوني ...

وقلت لبيك يااماه ...

ها أنا قادم اليك فانتظريني ...

فأنا في الطريق اليك ...

فلم يعد أمامي غير المراسم الرسمية التي يقومون بها قوات الامم المتحدة احتفاءا" بنا

لم يعد يفصلنا عنك الا خمسين متر يااماه ...

فأعدي للقاء ...

كنا أبطالا يااماه في نظر قوات الامم المتحدة ... عاملونا واستقبلونا استقبال الملوك والرؤوساء بمراسم حراس الشرف ... لم يكن

هناك سجادا" أحمرا" ولكن يكفيني القول بالمثل ( لاقيني ولاتطعميني ) ... وهاهي الرايات مرتفعة والوقفة العسكرية للجنود

بعدها لم تنتهي ...

فنحن الآن يااماه في وسط الجنود وهم مصطفين على الجانبين وبالتحية العسكرية لأياديهم رافعين ... بدأت الخطوات تتسارع

لهفة للقاء

... ووصلت الى آخر جندي أممي وقد كان عمره من عمري تقريبا" ... انه أشقر ووسيم وله عينان زرقاوان فقلت لنفسي : هل له

أم مثلي تنتظره بفارغ الصبر وهل يستطيع أن يراها وهل يشده الحنين الى وطنه كما يشدني أنا ... تركت آخر الجنود ورائي

فأمرهم قائدهم بالانصراف الى شئونهم

وابتعدنا عنهم ونحن نسير على الاقدام متجهين الى الذين ينتظروننا في الطرف من أحبتنا السوريين ...

لم يبقى الا أمتار قليلة يااماه ...

فقد بدأت تتوضح ملامح وجوه السوريين الذين كانوا ينتظروننا ... فقد كان عدد المستقبلين عشرة ... والاسرى عددهم عشرة

أيضا" ... فهرولت الخطوات عفويا" وتلقائيا" بدون ارادة منا ووصلنا اليهم وتعاركنا بالعناق والمصافحة والقبلات ... ومشينا

باتجاه السيارات التي سوف نستقلها ... فقد كان هناك مسافة بيننا وبين وسائط النقل هذه , فتأبط بزراعي شاب من المستقبلين كان

يرتدي بدلة عسكرية عليها بعض النجوم على كتفيه فسألته أين نحن الآن ...؟

فأجاب : أنت في قلب الوطن واضاف هذه الجولان ( المحتلة ) وهذا هو جبل الشيخ وهذا

المرصد لنا وذلك المرصد للعدو الاسرائيلي

وسنسترجع هذه الاراضي في يوم ما انشالله ... قال ذلك ونحن كنا قد وصلنا الى السيارات .


والى اللقاء في الجزء الثالث
وتصبحون على وطن
محمد نعناع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
SUZANNE
الإدارة العامة
الإدارة العامة
SUZANNE


انثى
عدد الرسائل : 4493
العمل/الهوايه : اذاعيه وشاعره
بينات شخصية : الفرد للجميع والجميع للفرد
نقاط : 32971
تاريخ التسجيل : 15/04/2008

مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Icon_minitime1/5/2008, 10:05

محمد
فقط لي رجاء عندك
لالالالا تتأخر علينا لقد استطعت فعلا شد احساسنا لموضوعك ومعاناتك
بانتظارك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://suuus.yoo7.com
زائر
زائر




مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Icon_minitime2/5/2008, 15:08

سوزان
سأحاول قدر استطاعتي التواجد في منتداكم وشكرا لمتابعتكم
دمت بخير

و
تحياتي للجميع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Icon_minitime2/5/2008, 15:39

الجزء الثالث
--------


في قلب الوطن
=======

نادى علينا احد المستقبلين العشرة وقال : اصعدوا الى ( اللاندروفر ) من الخلف وفتح الباب الخلفي وقال : تفضلوا بالصعود ...

فنظرنا نحن الاسرى الى بعضنا البعض ومن خلال نظرات العيون كنا كمن يسأل ...؟! هل يتسع لنا هذا الصندوق الخلفي وقلت

لنفسي ربما لا يوجد وسائط نقل أو ربما ممنوعا" في هذه المنطقة الحساسة على الشريط الحدودي تواجد السيارات ... فصعدنا

ولاأعرف كيف أستطاع هذا المكان الضيق أن يتسعنا ... كنا قد جلسنا بأحضان بعضنا البعض وقلت لنفسي كما يقول المثل

( بيت الضيق بيتسع لألف صديق ) وأبتدأت رحلتنا الى المجهول ...؟؟؟!!!

ان الاسرائليين كانوا قد جلبوا لنا ( باصا" ) كبيرا" يتسع لأكثر من اربعين راكبا" ونحن كنا عشرة اسرى فقط ...؟؟؟!!!


المصير المجهول
========

لاأعرف كم من الوقت مضى ... ولاأعرف الى أين يجدون بالمسير ... كل هذا لايهمني ... المهم بأني في بلدي وأنا في غاية

الفرح والسعادة والحنين للقاء أمي ... فلا تحزني يااماه فقريبا" سوف تكتحل عيناكي برؤياي ... فهي ساعات معدودة ونلتقي ...

وصلنا اخيرا" الى محطتنا الاولى وهي عبارة عن مبنى فيه ساحة كبيرة توقف فيه موكبنا وقالوا لنا انتظرونا في السيارة )

وتركونا وذهبوا ليدخلوا ذلك المبنى ... وبدأ الوقت يمضي ونحن جالسون ... وحينها بدأت خيوط العتمة تطرد خيوط النور

ونحن منتظرون قابعون في ذلك الصندوق الخلفي من السيارة ...

كنا في وسط ساحة المبنى الذي عرفنا فيما بعد بأنه يقال له ( فرع سعسع ) وهو فرع من أفرع الامن في بلادنا .

كان بعض عناصر ذلك الفرع الفضوليين عندما يشاهدوننا ... يتجهون نحونا ويسألوننا عن الجرم الذي ارتكبناه ... فنقول لهم :

بأننا كنا اسرى حرب لدى اسرائيل ... فيتعجبون سبب وجودنا عندهم وينصرفوا ...

مضى وقت طويل ونحن في هذا القبر الجماعي ... احسسنا فيه بالجوع والعطش ... فقال احد رفاقي انظروا هناك وكان يشير

الى حنفية ماء وترجل من السيارة وخطا خطوتين باتجاه الماء فلم نسمع والا صوتا" عاليا" يؤنب رفيقنا لنزوله من السيارة

فقال له رفيقنا : انني عطشان وأريد أن أشرب ... فرد عليه صاحب الصوت : اصعد الى السيارة وكل طلباتكم ستأتي اليكم

ومضى الوقت وأحسسنا فيه دهرا" ... ولم يأتي فيه الماء

رأينا أحد عناصر ذلك الفرع من بعيد وبيده عنقودا" من العنب يتجه الى الماء ليغسله ,وبعد أن غسله أدار نظره الينا فشاهدنا

فشده الفضول الينا ... فجاء الينا كما جاء غيره من الفضوليين ... فسألنا نفس الاسئلة ورددنا عليه بنفس الاجوبة وقلنا له بأننا

جوعى وعطشى , فمد يده بعنقود العنب وقال : لاأملك غيره من الطعام فخذوه ... فأخذناه وعددنا حباته وقسمناه على عشرة

فكان نصيب الفرد منا اربعة حبات من العنب ... وهنا ضحكنا ... وهذا الضحك كان يحمل في طياته الما" ...؟؟؟!

وهنا شردت بأفكاري ... كان الاسرائليين يجلبون لنا في بعض الاحيان القليل من العنب وعندما كنا نقسمه كان نصيب الفرد منا

مابين ستة حبات وعشرة حبات من العنب ... فهل مازلت اسيرا" ...؟؟؟!!!

أين أبناء وطني فاني لا أراهم ...

أين تراب وطني لأقبله فقد نذرت على نفسي أن أقبله ...

اني لاأرى ذلك التراب لكي احتضنه ...

أين وطني ... ؟

فاني لاأراك ياوطني ...

فهل أخطئت في العنوان ودخلت الى بلد آخر غير بلدي ... انني لاأعرف ...

فأين انت ياوطني ... ؟؟ فاني ضائع وتائه ... فاالهمني الصبر ياالهي .

في تلك المحطة التي توقف عندها الزمن جرى التحقيق معنا بتقديم نشرة معلومات تفصيلية عن اسمائنا واسماء اقربائنا وتم ذلك

بأن دخل كل اسير الى ذلك المبنى ... والوقت يمضي

ففي ذلك اليوم ... وفي تلك الساحة التي أمضينا فيها الساعات ... احسست فيها بالاهانة الكبرى للأنسانية وجرحت في صميم قلبي

فهؤلاء الفضوليين قبل أن يعرفوننا كانوا يشتموننا وينعتوننا بصفات كان الاسرائليين ينعتوننا بها ... وعندما نعرفهم بأنفسنا ونقول

لهم بأننا كنا اسرى حرب لدى الاسرائليين عندها يعتذرون عما بدر منهم من شتائم ونعوت

اذا" ... كان علينا أن ندافع عن كرامتنا عندما يأتينا الفضوليين بأن نعرفهم بأنفسنا ... يالله ماهذا ... وما الذي يحصل ؟

وما هذه الاخطاء التي ترتكب بحقنا ... لماذا لم يقم المسؤلين بتعرفيهم علينا لكي لا يشتموننا ... وهل هذه عملية مقصودة ؟

فماذا فعلنا حتى نعامل هذه المعاملة ... ماذا فعلنا حتى نبقى بذلك القبر الجماعي ... ماذا فعلنا حتى نبقى جوعى ...

ماذا فعلنا حتى نمنع حتى عن الماء ؟

واخيرا"... ها قد جاء الفرج ... جاء من يقول لنا : ترجلوا من السيارة ... فترجلنا ... قالوا : اركبوا بهاتين السيارتين ...

فتوزعنا نحن العشرة اسرى على السيارتين ... وبدأت رحلة جديدة الى محطة جديدة ...

كان الظلام قد لف كل شيئ ... كان الليل ولازال ليل للحالمين ... وبدأت أحلم ... سبحت باحلامي فتارة اغوص الى الاعماق

وتارة اطفوا ... لقد توقف الزمن ... لقد توقفت الحياة ... لقد اختلطت الاوراق ... ولم اعد اعرف الوقت ...

ولم اعد اعرف نفسي ... هل أنا نائم أحلم وأمي ستوقظني بعد قليل لكي أذهب الى العمل ... أم مستيقظ ...؟؟؟

وصلنا الى محطتنا الجديدة وكانت على ما أعتقد ( قيادة موقع دمشق ) ونزلنا من السيارات وأشار احدهم أن ندخل من الباب

الذي أمامنا ... فدخلنا خلف بعضنا البعض ... وكان هناك ممرا" ضيقا" مررنا فيه وبعد ذلك أصبحنا أمام باب زنزانة كان

بداخلها عشرة مساجين ... ففتحوا لنا الباب وقيل لنا : ادخلوا الى هنا ... فدخلنا الى تلك الزنزانة ... واغلقوا الباب .




والى محطة اخرى في يوم آخر

مشاهدتكم وردودكم يشجعاني على تكملة المذكرات

تحياتي للجميع


و
تصبحون
على
وطن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Icon_minitime4/6/2008, 19:32

الزنزانة السورية
========
وفي داخل هذه الزنزانة التي تشبه الى حد ما الزنزانة الاسرائيلية ... بدأنا ننظر الى بعضنا البعض كأن لساننا يقول : لماذا نسجن .؟! وماذا فعلنا حتى نسجن .؟! ... فنحن كنا عشرة اسرى وهناك عشرة مساجين عاديين كانوا قبلنا في هذه الزنزانة فأصبح العدد عشرين شخصا" في زنزانة ( طولها ثلاثة أمتار وعرضها مترا" واربعون سنتيمتر تقريبا" ) فهل يتسع لنا هذا المكان الضيق ...


رباه ... ماذا فعلنا حتى نحشر كقطيع من الغنم داخل هذه الزريبة ... ماذا فعلنا حتى نكون بين مساجين كل واحدا" منهم له تهمة ما ... فهذا مهرب مخدرات ... وذاك تهمته الشذوذ الجنسي ... وآخر غادر البلاد بطريقة غير شرعية .... ولكن لحظة يامحمد لماذا تتهم هؤلاء المساجين ... ألا يعقل أن يكونوا مظلومين مثلنا ... فقد قال احد المساجين بأنه متهما" بأشياء لاعلاقة له بها ... وهنا انبرى احد المساجين وسألني عن تهمتي ... فقلت : لاأعرف ماهي تهمتي ... فقال : وهل هناك احد يدخل الى السجن ولايعرف ماهي تهمته ... قلت له: نعم أنا ... فابتسم ... فقلت له : كل ماأعرفه هو اني كنت اسير حرب عند الاسرائيليين واليوم اطلقوا سراحي وأتيت الى سورية وشرحت له ذلك ... تعجب كثيرا" ... وقال : ان مكانكم ليس هنا في هذا السجن وانما في مكان آخر ... فقلت له : وهل هناك احد يسمعك فنحن في بلاد الصم والبكم ... ؟! خفف المساجين ببعض الكلمات عن انفسنا وأنستنا بعض الوقت ما نحن فيه ...


تلك الزنزانة الموجودة في مكان ما في مدينة دمشق ... كيف أنساها ... ففيها أحسست بأن الانسانية جمعاء كانت تهان ... هذه الزنزانة لاتستطيع أن تستوعب عشرون شخصا" ينامون فيها ... لهذا تقاسمنا الليل مع رفاقنا السجناء بالتناوب على النوم كما تقاسمنا حبات العنب ... فعشرة ينامون وعشرة يقفون ...جاء دوري لكي انام على الارض بدون غطاء أو فراش ... ولكن من أين سيأتيني النوم وانا في قلب بلادي أحس بالبرد والجوع ... فنحن لم نذق الطعام منذ الصباح ونحن الآن في منتصف الليل تقريبا" ...


كان اعدائنا الصهاينة قبل ان يطلقوا سراحنا في صباح ذلك اليوم ... كانوا قد قدموا لنا وجبة الافطار ( وفطرنا ) قبل ان تنطلق رحلة العودة وعندما جاء وقت الغذاء عند الظهر ونحن في الطريق جاؤوا لنا بوجبة الغذاء فرفضنا أن نأكل الا في بلادنا ... فكيف انام وافكاري تتيه هنا وهناك ... كان الضياع والتشتت في كل شيئ ... وليس هناك أي جواب لأي سؤال ... لاأعرف اذا نمت في تلك اللحظات العصيبة ... هل سرقت بعض لحظات من النوم أم لا ... كل ماأتذكره أن رفيقي قد نبهني لأعطيه مكاني لكي ينام ... كان كجبل واقف ايام الحرب وايام الاسر لايركعه شيئ ... والآن ان هذا الجبل لم يعد يتحمل أكثر من ذلك فسقط وخارت قواه وغاب عن الوجود ... كان الارهاق باديا" على وجهه فأعطيته مكاني ووقفت مكانه ...


وقفت انظر اليه بعين ام تراقب وليدها و( طبطبت ) عليه لاجعله يحس بأني موجودا" بجانبه ... وضع رأسه بين أقدامي وأراد أن يفرد رجليه فلم يستطع لأن جدار الزنزانة وقف حائلا" بينه وبين ذلك ... فكيف يستطيع أن يفرد رجليه في هذا المكان الضيق ... ان الجداران المتقابلان متقاربان والمسافة التي تبعد بينهما هي مئة واربعون سنتيمتر تقريبا" ...


اننا نحن الاسرى كنا جبالا لا يركعني شيئ ... كنا نتحمل جميع انواع العذاب النفسي والجسدي في سجن اسرائيل ... ولم يأتي علينا يوم يأسنا فيه عند الاسرائيليين كاليوم الذي نحن فيه في زنزانة من زنزانات دمشق ...


كان جسدي في تلك الزنزانة وأما روحي فكانت سابحة في اللاشيئ وكان هناك كوة في اعلى جدار الزنزانة من خلالها كنت ارى النجوم وهي تسبح في السماء وكنت اتعلق بها لاذهب بعيدا" عن مآساتي ... يالله ... ماأجمل هذه النجوم التي في السماء فهي حرة طليقة ... يالله ... ماأجملك أيها الليل ... أريد أن أختبئ فيك أيها الظلام ... فمن قال أن الظلام ليس جميل ... انه في بعض الاحيان أفضل من النور ... ان الظلام معناه النوم والذهاب الى المجهول وبعدم تحمل المسؤوليات ... وأنا الآن أريد أن أهرب من كل شيئ ... أريد أن أهرب الى اللاشيئ ... في بعض الاحيان يفضل الانسان أن يكون مجذوبا" على أن يكون عاقلا" ... فيارب ... لماذا لم تخلقني مجنونا" بدون عقل ... ؟!


كنت واقفا" على قدماي الاثنتين انتظر دوري مرة اخرى لكي انام ... فأحسست باحدى قدماي بأنها لم تعد تساعدني على الوقوف ... كانت قد ( لبدت ونملت ) فرفعتها بيداي الاثنتين لاريحها قليلا" ... عندها شعر رفيقي النائم بين اقدامي ببعض فراغ عند رأسه ... فمد رأسه ووضعه مكان موضع قدمي ... فلم أعد أستطيع أن أنزل قدمي ... ان رأس رفيقي أصبح يحتل موضع قدمي ...فأمسكست رجلي بكلتا يداي لكي لا تسقط على رأس رفيقي ... وبقيت واقفا" على رجل واحدة ( مثل اللقلق ) ... وكانت تباشير الفجر تهل وتعلن ولادة يوم جديد وآذان المؤذن للصلاة ينادي الناس ... كانت هذه أول مرة منذ سبعة عشر شهرا" وعشرون يوما" أمضيتها في المعتقل اسمع فيها صوت الآذان من المآذن ... اعترف بأني في ذلك الوقت كنت لاأصلي ... والله يهدي من يشاء ... فنحن ولدنا على الفطرة مسلمين ... والتكبير بالله يعطينا قوة فائقة للتحمل والصبر ... فالله اكبر ... واشهد ان لااله الالله ... واشهد ان محمد رسول الله ...


في السادسة صباحا" تقريبا" استيقظ رفيقي ورآني اقف على رجل واحدة وعرف بأنه قد أخذ مكان موضع قدمي برأسه ... فبكى وحزن علي على وقفتي هذه ... وضممنا بعضنا البعض وتعانقنا كأننا كنا بعيدين عن بعض ...


هذه الصورة كيف انساها ...؟! ففي وطني لم يكن هناك لي موضع رجل لأضعها فيه ... فأين أنت ياوطني ...؟!


كنا نداوي جروح بعضنا البعض أنا ورفاقي ... كنا جياعا" فلم نأكل منذ صباح الامس ... فذهبنا الى التدخين عوضا" عن الطعام ...


لم يكن في الزنزانة السورية ( دورة مياه ) لنغتسل أو نقضي حاجتنا فيه ... بينما الزنزانة الاسرائيلية كان فيها شبه ( مرحاض افرنجي ) وهو عبارة عن سطل بلاستيك كبير ...


لم يكن في الزنزانة السورية أي شيئ ننام عليه أو نغطي أجسادنا به ... بينما الزنزانة الاسرائيلية كان فيها أغطية ( حرامات ) تحتنا وفوقنا ...


في الزنزانة السورية نمنا جوعى ... وهناك نمنا شبعى ...


في الزنزانة السورية كنا عشرون شخصا" ... وهناك كنا عشرة ...


ولكن لأتوقف قليلا" عن هذا السرد وعن هذه المقارنات بين هنا وهناك ... لايجوز المقارنة ...


لقد اصبحت الساعة الآن العاشرة تقريبا" ... فتح باب الزنزانة ... ونادى احدهم يقول : ( يالله طلعوا فطروا ) ... فخرجنا جميعا" ... العشرون سجينا" ... اما العشرة الاولى فهم الاسرى وكنا نلبس لباسا" موحدا" ... واما العشرة الثانية فهم المساجين الآخرين وكانت لهم مشاكلهم وصراخهم ... وعندما كان يعلو الصراخ يأتي عناصر ذلك الموقع ويهينوا الجميع بدون استثناء ...اذا" فالعشرون مهانون ونحن الاسرى من ضمن العشرون ... ان عناصر الموقع هذا لا يعرفون بأننا اسرى حرب ... وعندما كانوا يعرفون يعتذرون لنا ويتعجبون لوجودنا عندهم ... والمشكلة الكبرى انهم يأتون فرادي ... وكل منهم يشتمنا ... فنوضح له وضعنا نحن الاسرى العشرة فيعتذر ويتعجب ويذهب الى حال سبيله ...


وهكذا مرت الساعات علينا في ذلك الموقع ... يأتي عنصر ... يهيننا ... فنوضح له ... فيعتذر ويذهب ... وتواليك وهلم جرا ...


كرهنا أنفسنا لاننا اسرى ... كرهنا العالم اجمع ... فمن المسؤول عن تلك الاهانات ... هل هو العنصر ام المسؤول عن العنصر ...


لم نعد نقول بأننا اسرى ... لم نعد نتكلم عندما نهان ( كأننا من البكم ) ... كان قلبي يبكي دما" ... تحجرت الدموع في عيناي ... أريد أن أبكي ... فلم أستطع البكاء ... أين تلك الدموع الخائنة ...


هاهي مناسف الحلاوة على الارض تناديني قائلة : ( الست جوعان ... تعال وكلني ) ... نعم كنت أتضور جوعا" ولكن مابال نفسي قد شبعت وصامت ... فلم استطع أن ( آكل ) ... لقد شبعت نفسي من الاهانات ...


مد رفيقي يده وقال : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) وأجبرني على أن آخذ لقمة وآكلها ... فحمدت الله على هذه النعمة ورجعت الى الوراء وأنا أمد يدي على علبة التبغ الاسرائيلية الصنع وأشعلت لفافة القمتها في فمي ... فقدم لي احد رفاقي كوب من الشاي وهو ينظر الي ويقول : ( اشبك ماخربت الدنيا ... معلش ... معلش ) كان رفيقي هذا يعرف بأني كنت حساسا" وشفافا" جدا" ... يعرف بأن الكلام والقول يؤثر بنفسي أكثر من ألف مدفع ...


فماتت نفسي في نفسي ... لقد قتلوني في داخلي ... لقد نحروني بدون سبب ... فمن المسؤول عن ذلك ... ؟


انتهت وجبة الافطار العربية ودخلنا الى مقصورتنا الجميلة الرحبة ننتظر اللاشيئ ... ننتظر المجهول ... ننتظر الانتظار ... وبعد فترة وجيزة من الوقت لاأعرف تحديدها بالضبط ... فتح باب الزنزانة ... وطلب منا الخروج حالما نسمع اسمائنا ... فبدأت الاسماء تتلى واصحابها يخرجون ... حتى خرجنا جميعا" ... جميع العشرون ... وتجمعنا في ساحة ذلك المبنى ... وكان هناك غرفة صغيرة مسبقة الصنع بجانب ذلك المبنى ... وكنا نزور هذه الغرفة ( البراكة ) كل فرد بمفرده وعندما تنتهي هذه الزيارة نصعد الى ( ميكرو باص ) كان بانتظارنا ...


جاء دوري فدخلت تلك ( البراكة ) وكان هناك ضابطا" وعلى كتفيه بعض النجوم ... فسألني عن اسمي وعنواني ... وهنا كانت قد توقفت الحياة عندي للحظات قصيرة ... كنت اتذكر بها اسمي ... فلم أعد أتذكر من أنا وما هو اسمي ... فصرخ الضابط وقال : ( ما بتعرف شو هو اسمك ) ) ... وأنا لاأجيبه على سؤاله ... لاني كنت قد نسيت اسمي ...؟! فزجرني بكلمات قاسية وأضاف قائلا : ( شو انتا ما بتسمع ولاك ) ...


آه ... لو يعرف ما كان في داخلي تلك اللحظات ذلك الضابط ... كنت كغريقا" في بحر ولا أعرف العوم ... كنت ضائعا وتائها" ... كنت كمن يهرب ويفر من جلده ... كنت قد نسيت اسمي ... أردت أن أصرخ فخانتني حنجرتي ... أردت أن أبكي ... وما أكثر المواقفى التي أردت فيها أن أبكي ... حتى الدمع كان كأنه يعاندني ... كان قد تحجر في عيوني ... ان البياض الذي في عيني قد أصبح احمرا" بلون الدم من السهر والتعب والارهاق ...


كنت قد أمضيت ليلة في المعتقل لم أنم فيها من فرحتي بأنه سوف يطلق سراحي وأمضيت ليلة ثانية في زنزانة الصهاينة لم أنم فيها مع رفاقي كنا نغني ونرقص مبتهجين لاطلاق سراحنا ... وأمضيت ليلة ثالثة في زنزانة بلادي لم أنم فيها من القهر والحزن والجوع والبرد ولأنه أيضا" لم يكن هناك مكان للنوم بالاصل ... فثلاثة ليالي لم أنم فيها ... فكيف تصبح لون عيوني ... كل هذا وأنا واقف امام هذا الضابط الذي يريد مني ان أقول له ( ماهو اسمي ) ... هو ايضا" لايعرف بأنني كنت اسير حرب لدى الاسرائيليين ... وصرخ مرة اخرى وقال : ( بعدين معك ولاك ) ... حينها كنت قد رجعت من هروبي الكبير ... حينها رجعت لي ذاكرتي ... فسميت له اسمي وعنواني ... فطلب مني أن أبصم على أوراق كانت أمامه ... فمددت يدي اليمين قفال لي : ( مكسورتك التانية ولاك حمار ) ... فاعطيته مكسورتي اليسرى ليصبغها بتلك الاصباغ وعندما انتهى من ذلك قال لي : ( انقلع ورا رفئاتك ) فانقلعت وراء رفاقي الى الميكرو باص ... أخذت مكاني على مقعد في تللك العربة ... وكان كل رفاقي جالسون ... رفاقي العشرون ... العشرة الاسرى ... والعشرة المساجين ...


صعد السائق وادار المحرك ونظر الينا نحن العشرون نظرة تتطاير شررا" وقال ( ايدك على راسك ... وراسك لتحت ) ... الله ... يالله ... هل نحن مازلنا في المعتقل ... فهذة الكلمة لم انساها بعد ... فقد سمعتها من الاسرائيليين كثيرا" ... فقد كنا نجلس هذه الجلسة ساعات طوال ... وان هذه الاهانة التي كان الاسرائيليين يوجهونها لنا كنا قد حاربناهم عليها وسقط منا قتلى وجرحى حتى لم نعد نلبي أوامر الاسرائيليين ...


وها أنا في بلادي ... اسمع هذا السائق يصرخ علينا مرة اخرى ويكرر نفس الكلمات ( ايدك على راسك وراسك لتحت ) ... يالله ماهذه المفارقة ... هل يعرفنا هذا السائق ام أنه يلفظ هذه الكلمات لكل مساجينه ... هل يعرف بأننا اسرى ولا علاقة لنا بالمساجين الآخرين ... ؟! نفذنا أوامر ذلك السائق على مضض ( ايدنا على راسنا وراسنا لتحت ) ...


يارباه ... مااتعس الاوطان التي تأمر أبناءها بطئطئة رؤوسهم وما أضعف الاوطان التي تهين ابناءها ...


ان الامم الاخرى يزداد ارتفاعها في السماء ...


ونحن الامم العربية نزداد هبوطا" الى ماتحت الارض ...


فالانسان المهان في وطنه ... ليس وطنه ... ولن يستطيع أن يدافع عنه ...


فهل يعرف الحكام بما يجري لمواطنيهم ام أنهم لا يعرفوا ...


اذا كانوا يعلمون فتلك مصيبة ... واذا كانوا لا يعلمون وهنا الطامة الكبرى فالمصيبة اعظم ...


وفي كلتا الحالتين لا تأهلهم بأن يكونوا حكاما" ...


زجرنا ذلك السائق بكلمات يعجز اللسان عن قولها بما فيها من شتائم وبعد أن تأكد بأننا نفذنا أوامره ترجل من العربة وذهب لبعض شؤونه ... وكان محرك العربة يدور ولم يبقى فيها الا نحن المساجين ...


مرت لحظات علينا كأنها دهور ... ان الثواني كانت تمر ببطئ شديد ... ونحن مطئطئي الرؤوس ... فالى أين سنذهب هذه المرة ... وكيف ستكون الرحلة الجديدة ... لانعرف ... لا نعرف ...


ونحن في هذه الاثناء صعد فضولي ( ضابط فلسطيني ...؟! ) بلباسه المدني الى العربة وكان مهذبا" جدا" ... كان قد رأى بأن العشرون سجينا" ( مطئطئ ) الرؤوس فشده فضوله بأن يسأل احد رفاقي الجالسين بأول العربة فقال له : ( رفاع راسك ... شو تهمتك انتا ) ... رفع رفيقي رأسه وكان فلسطينيا" وقال بتحدي : انني مجرم ... فرد عليه الضابط قائلا" : وماهي جريمتك فأجابه رفيقي : قتلت وجرحت بعض الاسرائيليين في الحرب وهذه هي جريمتي ... فصرخ الضابط قائلا : تكم ماذا فغلت ...؟! ان الضابط كان يظن أن رفيقي يستهزء ويسخر منه ... فقال رفيقي للضابط : ( أنا ع بحكي معك جد ) فأنا حاربت الاسرائيليين في جنوب لبنان واسروني سبعة عشر شهرا" وأطلقوا سراحي صباح الامس عن طريق الصليب الاحمر الدولي واستلمتني الحكومة السورية وها أنا ورفاقي العشرة بين يديك ...


صرخ الضابط بصوت قوي كأن عقربا" قد لسعه موجها" كلامه للعشرون شخص الذين امامه قائلا" : ارفعوا رؤوسكم ... انتم يجب أن ترفعوا رؤوسكم امام العالم أجمع ( مو توطوها ) ونحن نزداد شرفا" بكم وكرامة وانتم ... وانتم ....وذهب الى تلك الشعارات البراقة التي تزدان بها شوارعنا العربية ...


هذه الكلمات التي سمعناها من ذلك الضابط كانت بردا وسلاما" على نفوسنا وقد أزاحت بعض الغم والكرب الذي نحن فيه واستعدنا فيها بعض المعنويات النفسية لبعض الوقت ...


كان الاستغراب باديا" على وجه ذلك الضابط لهذه المعاملة السيئة ... فودعنا وانصرف الى حال سبيله ...


كانت الفرحة عارمة عند سماعنا كلام ذلك الضابط ... فأشرقت وجوهنا وتفائلنا بالخير ... ولكن نعرف أن اللحظات السعيدة هي قصيرة وقليلة ...


ذهب الخير وجاء الشر ... ذهبت الملائكة وجاءت الشياطين ... ذهب الضابط وجاء السائق ... صعد الى وراء مقوده ولم يكد يرانا رافعي الرؤوس حتى صرخ وهو ينعتنا ( يا .. ويا ... انتوا ما بتفهموا ... مو قلتلكن نزلوا روسكن ) فنفذنا أوامر السائق بأسرع مما كنا ننفذ أوامر الاسرائيليين ...


وهنا صعد شخصين يلبسان الثياب المدنية كمرافقين للرحلة المجهولة التي سوف نقوم بها ... ودارت عجلات العربة وبدأت بالتحرك الى المصير المجهول


أسف على التأخير



والى محطة اخرى في يوم اخر


وتصبحون على وطن


محمد نعناع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Empty
مُساهمةموضوع: رد: مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن   مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن Icon_minitime5/6/2008, 22:38

يوميات مؤثرة
وكلمات خرجت من اعماقك
يوميات اسير قلم في سجن Smile
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مذكرات اسير سوري لدى اسرائيل في سجن الوطن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
دفاتر القمر  :: الدفاتر العامة :: المنتدى العام-
انتقل الى: