ومثلما تشتهين للشاعر والأديب حسين حجازي

ومثلما تشتهين

دعي حبَّك في قلبي
حصاناً خاسراً
افرحي في طيِّ الروايةِ
لا تُشهري عطرَك الفواحَ في دربي
أطفئي شمعي بسواد عينيك
واعصفيني
ومثلما تشتهينَ
قهقهي ملءَ الخديعة في صدركِ
وحتى الثمالةَ من رئتيكِ
انثريني
أشلاءَ وهمٍ فوق أنقاض الغبارِ
فأنا مثلُ وضَح النهارِ
كفرتُ بنقاوةِ الليل في جفنيكِ
وحلاوةِ الشِّعر من شفتيكِ
كفرتُ ببراءة الظل في شَعرِك المنثورِ
على كتفيكِ
فاذبحيني
بدبوسِ منديلك الأحمرْ
وكيفما شئتِ..
اعصريني بضوء ابتسامتكِ القصوى
لا ترحميني
أيا وجَعاً تسلّل بالزُّؤامْ...
يا غمسَة الحلوى
ورشراشَ الغرامْ
يا زخّة الحب التي قد همَتْ في عروقي!
أفيقي مثلما توقظُني المواجعُ
أو..
لا تفيقي!
لك الإعصارُ
فهذي الريح تشبهني
لكنَّ البريدَ معطّلٌ
لهفي عليك حين تغمُّ الشمسُ
وعند شَرْدقةِ الحنينْ
شوقي إليكِ
ليس يدحضه العزاءُ
ولا الأنينْ
فوليمةُ ثغرِك ملأى
بالكؤوسِ وبالتّوابل
والقُبَلْ
إني أحبكِ..
ولم أزلْ
أهفو لطيفكِ مهما جنحتِ
ومهما غدرتِ
ومهما نثرتِ
من الرماد في عيني
ومهما اقترفتِ
من العقوقِ!
ولكنْ.....!
بحقِّ نزيف شوقي
وهدير خافقي
وجراحي
ولذةِ جُرعةِ سُمِّك المرموقِ
بحقِّ حُرقة التنهيد في تكويني
ووخزةِ الياسمينِ
في شراييني
والثورة الكبرى
من تاريخ شهيّتي
بحق انفعالات الزفرة الحَرّى
وغصنِك الغضِّ
والشَّفَة السفلى
والمقلةِ اليسرى
بحق الضحكة المعزوفة الصغرى
إني ألفُ أرجوكِ...
لماذا لم تقرأي تعاويذَ المساءِ عليَّ يوماً
أو تقولي
(ليس مع العسر يسرا)
لماذا لم تخبريني بما
"لم أسطِعْ عليه صبرا"
يا نهدةَ العشق التي هاتفتُها
رأداً
وعصرا !
قلبي أنا صكُّ عواطفي
وشراشفي
وريعُ إبحاري إلى شطّك الناري
فلماذا قصمتِ العرشَ من تحت أضالعي؟
وملأتيه مُرّاً
وقهراً
لماذا لم تخبريني ما الذي يجري
من خلف حَشاشتي؟
أو ما الذي تراه جرى؟!
لماذا تركتيني أنسجُ الليلَ ظلاً
وأوقِدُ القَرَّ حَرّا
يا نزلةَ الحب في ظلَموت أحشائي
"أبكيكِ ما بكتْ الحمامُ هديلَها"
أبكيكِ ما جسَّ الغروبُ نَداكِ
فامضي..!
امضي إلى جَـنّة الأعوامِ
والتقطي الكري
وتفسّحي
وتبجّحي
ولتقذفيني بالشذا من تحت إبطك الأيمنْ
ها قد أجدتِ الغدرَ حقاً
وملأتِ الليلَ مكرا
أسفي على الورد الذي برعمتُه
عبَقاً ونَشْرا
أسفي على الدفء الذي قمّطُّه من لحم أعصابي
حَرّاً وجمرا
أسفي على الحلُم الذي أشعلتُه
زهراً ونَوّاراً
ليصطادَ من راعشيْك رائحةَ الحبَقْ
لكنه البحرُ الذي ما ضنَّ يوماً
على الشطآن سِترا
فارسميني بماء الإثم واغتنمي الخطايا
قد تمزق القلبُ
وكفَّ الصّدُّ رؤاكِ
لا النيلُ يرويني
ولا الفراتُ رضاكِ!
يا بقايا الروح اسحقي ما تبقّى
قرَع الريحُ ليلي
وخارت في العروق دمائي
وضاع السُّهدُ هدرا
أيتها العصفورةُ المزهوَّةُ في دهليز وجداني
أيتها الزنبقةُ المُنسلَّةُ من أغمار نيراني
يا مهجتي الأخرى
طبتِ صباحاً
طبت مساءً
وعطرا
هذا رميمُ النور في قلبي
قد أحال العمرَ رَمْساً
وقبرا
فاخرجي من شراييني
كي يخطَّ الضوءُ عليك نوراً
ويمدُّ الحنينُ إليك ذكرى!

كلمات غاية في الروعة والأبداع
تحياتي لقلمك أيها الشاعر..

اعصريني بضوء ابتسامتكِ القصوى
لا ترحميني
أيا وجَعاً تسلّل بالزُّؤامْ...
يا غمسَة الحلوى
ورشراشَ الغرامْ
يا زخّة الحب التي قد همَتْ في عروقي!
أفيقي مثلما توقظُني المواجعُ
أو..
لا تفيقي!