الحديث عن الصداقه والأصدقاء انما يعني الحديث عن ظاهره أجتماعيه نشأت مع
الناس منذ القدم فلا بد للانسان من صديق أو خليل يفضي اليه مكنون نفسه ويكون
له دور في التنفيث عن همومه يواسيه ويشاركه أفراحه وأحزانه..
اليوم وفي هذا العصر الذي تكاد تنعدم فيه الصداقه الحقه حيث أن معظم صداقات
هذه الأيام لا يرتقي الى مفهوم الصداقه الحقه بل هي صداقه هشه تقوم على
المصالح المشتركه والمنفعه المتبادله..
وكم من أنسان راح يشكو فجأة من غدر الأصدقاء وتنكرهم له اذا ما جفته الأيام
وهذه الظاهره موجوده منذ القدم ولكنها اليوم متفشيه حتى غدت ظاهره يعاني
منها معظم الناس..
ونظرآ لأهمية الصداقه في الحياة الاجتماعيه نجد أن أبا حيان التوحيدي يؤلف
كتابآ عن الصداقه والصديق يجمع فيه الكثير من الأقوال والأشعار والشواهد
التي تمثل المجتمع في نظرته الى تلك الظاهره الأجتماعيه الساميه..
الصديق الحق عمله نادره في كل زمان وها هو أبو العلاء المعري يدعو الى
التمسك بالصديق في السراء والضراء فيقول :
اذا صاحبت في أيام بؤس فلا تنس الموده في الرخاء
ومن يعدم أخوه على غناه فما أدى الحقيقه الى الأخاء
ومن جعل السخاء لأقربيه فليس بعارف طرق السخاء
فيدعو المعري الى أن تكون الصداقه ثابته مرعيه..ويرى المعري أن حفظ عهد
الصديق فرض كالصلاه لا يجوز.الأخلال به فيقول :
أعد من صلواتي حفظ عهدكم ان الصلاه كتاب كان موقوتآ
وعلى الصديق أن يقابل اساءة صديقه بالاحسان وقد يؤثر المرء صديقه على نفسه.
لقد كان أبو العلاء المعري يسوء الظن بمعظم الأصدقاء وقد كان محقآ في ذلك فكلهم
خداع ونفاق وكذب فقد شرب الدهر صفوة الخلق ولم يبقى في الأرض الا حثالتهم يقول :
وقد شرب الدهر صفو الأيام فلم يبق في الأرض الا العكر
وما عند خلك غير النفاق وما خلته ناسيآ فأذكر
ويقول أيضآ :
قد فقد الصدق ومات الهدى وأستحسن الغدر وقل الوفاء
اذا كان هذا في عصره...ترى ماذا كان يقول لو عاش في عصرنا..
وأيضأ ابن سنان الخفاجي يشكو غدر الأصدقاء وتنكرهم له فيقول :
وسجية في الغدر كنت أعيبها حتى عرفت بها الصديق الأكبرا
يا صاحبي وما وثقت بصاحب الا تغير وده وتنكرا