غزة –
من محمد الأسطل - لم تنل منطقة فلسطينية في الفترة الأخيرة اهتماما إعلاميا مثلما حظيت به عزبة عبد ربه شمال قطاع غزة، جراء ما منيت به من تدمير خلال عدوان "الرصاص المسكوب" الإسرائيلي مطلع العام الجاري، غير أن شهرتها هذه المرة اخذت منحى آخر بعدما أعلن أن إحدى فتياتها أصبحت ذكراً في يوم وليلة.
تساؤلات عديدة بدأت تدور على السنة سكان المنطقة. ما الذي حدث؟ هل يمكن أن تصبح علا أحمد؟ أم أن الفتاة التي كانت ترافق بناتنا إلى المدرسة كانت في الأصل ذكرا؟
زارت منزل الفتاة علا (16) التي اصبحت فيما بعد الفتى أحمد فايز عبد ربه وروى لنا حكايته. كنا في حيرة من أمرنا عندما وصلنا إلى المكان. هل نسأل عن علا أم أحمد، فسألنا عن الاثنين معاً، فما كان من الفتى إلا أن اصطحبنا إلى داخل المنزل، وما إن جلسنا حتى قال: "تفضلوا ماذا تريدون، أنا أحمد الذي تبحثون عنه وكنت قبل فترة وجيزة فقط علا".
وبدأ أحمد يروي قصته "قبل سنوات وأنا أشعر بأنني ذكر وليس أنثى، فكل شيء يتحرك في جسدي يدل على ذلك، فلا ميولي أو حركاتي أو حتى كلماتي كانت تشير إلى أي مظهر من مظاهر الأنوثة، رغم أنني ترعرعت وكبرت مع الإناث منذ صغري حتى الصف التاسع". وتابع: "أخبرت العائلة بذلك وبدا الجميع في حالة ذهول رغم أنهم كان يلاحظون ذلك في بعض الأحيان، إلا أنهم كانوا يفضلون عدم الخوض في الموضوع وقرروا أن أبقى كما أنا إلى حين بروز تغير حقيقي".
ومع مرور السنوات، أخذت معالم الرجولة تبرز شيئاً فشيئاً في تفاصيل جسد أحمد من دون أية علامات للأنوثة، ومع ذلك استمر أحمد في الذهاب إلى مدرسة الإناث إلى اليوم الذي بدأت علامات الذكورة واضحة تماماً قبل نحو خمسة أشهر، فقرر عدم الذهاب إلى المدرسة وظل حبيس المنزل طوال تلك الفترة.
ولم تستطع الأسرة بعد هذا التحول الظاهر إلا أن تتجه إلى إجراء الفحوصات الطبية اللازمة للتأكد من الأمر، رغم حالة التوتر التي انتابت الجميع، فما الذي يمكن قوله للناس في مجتمع شرقي محافظ إلى حد بعيد؟
وأظهرت الفحوصات أن علا الفتاة الجميلة الهادئة ليس فيها من الأنوثة إلا الاسم، فهرمونات الذكورة غالبة وواضحة بشكل لا يقبل الشك كما ذكر والد احمد "قررنا لحظتها بعد الحديث مع ابنتي، أقصد ابني أن نعلن ذلك للجميع، على أن تبدأ هي باجراء تغييرات على ملبسها".
وشعر أحمد حينها أن اللحظة التي تمناها أصبحت واقعية. فقام بتوزيع ملابسه السابقة وتمزيق البعض الآخر، وأسرع إلى السوق ليشتري "بنطلون جينز وبلوزة شبابية" ثم قرر التوقف عن حلق لحيته وشاربه، ليظهر كما يتمنى رجلا بين إخوته.
قال أحمد الذي بدا متوازنا إلى حد كبير: "قبل قليل كنت أصلي الظهر في المسجد، ورغم نظرات الاستهجان التي لاحقتني في البداية، إلا أن الجيران بدأوا يتقبلون الأمر بشكل طبيعي".
أما ياسر، الأخ الأكبر لأحمد، بدا هو الآخر سعيدا بما حدث. فقد حصل على أخ جديد بعد أن فقدت العائلة اثنين من أبنائها خلال الحرب الأخيرة. وقال: "على عكس ما يتوقع الناس، الجميع يشعر بالارتياح لهذا التحول الذي حدث، فأخي كان يتألم منذ فترة طويلة والآن جاء الفرج".
لكن الرحلة لم تنته بعد. فأحمد تنتظره أربعة عمليات جراحية خطيرة لاستكمال ذكوريته، وهي عمليات لا تقوى الأسرة على تحمل تبعاتها المعنوية والمادية، خاصة أن هذه العمليات تستدعي السفر إلى الخارج نظرا لعدم وجود كوادر طبية متخصصة في هذا المجال في قطاع غزة المحاصر.