على النقيض من ذلك فان خصائص الطفل الذي يمتلك مفهوم ذات سلبي كالتالي:
1- يتجنب المواقف التي تسبب القلق : (( اليوم لن اذهب الى المدرسة لان لدي امتحان صعب ))
2- يحط من قيمته وامكانياته : (( ان رسومي ليست جميلة ))
3- يشعر بان الآخرين لا يقدرونه: (( اصدقائي لا يحبونني وابي يكرهني ))
4- يلوم الآخرين على فشله : (( لقد رسبت في الامتحان لان المعلمة لم تشرح الدرس جيدا ))
5- يتأثر بالآخرين : (( صديقي علمني ان اغش في الامتحان ))
6- يستثار بسهولة : (( انا لم اكسر هذه اللعبة ))
7- يشعر بالعجز: ((لا استطيع ان احل هذه المسألة ))
8- يعبر عن مدى ضيق من الانفعالات : (( انا لا اهتم ان جاء ابي ام ذهب ))
لنتمعن الآن في دراسة حالة هذا الطفل من خلال كلام امه التي تشتكي من مشكلة شائعة يعاني منها ابنها:
(( ان مايثير دهشتي ان ابني ذكي جدا بشهادة الجميع عندما يكون في البيت ، ولكن لا ادري عندما يذهب الىالمدرسة ويقدم امتحانا في الحساب فانه يعجز عن حل ابسط المسائل ، ويختلق اعذارا كثيرة عندما يكون لديه امتحان حتى لا يذهب الى المدرسة .. فيوم معدته تؤلمه ، ويوم عنده صداع ، لقد احترت ماذا افعل معه؟؟
يبدو من كلام هذه الام ان طفلها يفتقر الى ثقة افضل بنفسه حتى يواجه الصعوبات في الحياة المدرسية بدلا من الهروب منها ، لانه لا يستطيع مواجهة الفشل والاحباط.
ولنتفحص حالة اخرى من خلال كلام احدى المعلمات عن طفل في صفها اذا تقول:
((ان هذا التلميذ سلبي خجول عندما اسأله هل فهمت هذا التمرين يقول نعم وعندما اسأله سؤالا حتى اتأكد من ذلك اكتشف انه لم يفهم شيئا يبدو غير مهتم بما يدور حوله في الصف وهو كثير التغيب .. كثير السرحان ))
ويبدو من كلام هذه المعلمة ان هذا الطفل يمتلك مفهوم ذات متدنيا لانه يعجز عن طلب المساعدة ولا يستطيع ان يعبر عن انفعالاته وحاجاته ، فيلجأ الى السرحان او التغيب.
كيف يتشكل مفهوم الذات ؟
ان مفهوم الذات لا يولد مع الطفل وهو لا يرثه عن ابويه كما يرث لون عينه وشعره ، وانما يكتسبه من البيئة حوله من خلال تفاعله مع الآخرين وخاصة الاشخاص المهمين بالنسبة اليه.
ان الطفل الرضيع لا يكون لديه صورة مستقله عن ذاته بل يعتقد انه جزء من البيئة المحيطة حوله ، وعندما يرى نفسه في المرآة يعتقد انه يرى طفلا آخر ، ولا يدرك انه ينظر الى نفسه ، ولكن منذ الشهر التاسع يبدأ يميز ذاته تماما ككائن مستقل عن بيئته ، ويمكنك التأكد من ذلك عندما نضع على وجه الطفل علامة ما ثم نجعله ينظر الى وجهه في المرآة نرى ان الطفل يضع يده على مكان العلامة في وجهه.
وعندما يكبر الطفل تدريجيا تتبلور صورته عن ذاته واحساسه بالرضا او عدم الرضا عنها من خلال تفاعل الاسرة معه واساليب معاملتها له اذ تعتبر الاسرة مرآة الطفل التي يرى فيها ذاته فاذا سمع الطفل من ابويه انه ذكي ، شاطر ، سريع التعلم ، وعومل معاملة اساسها المحبة والقبول والتقدير فانه سوف يحب نفسه ويثق بها وعلى العكس من ذلك اذا عومل معاملة قاسية وكلما اخطأ او فشل قوبل بالرفض والضرب تعلم ان يكره نفسه ويفقد الثقة بها ويشعر بالاثم والذنب تجاه نفسه.
وعندما يكبر الطفل ويدخل المدرسة يأتي دور المدرسة ليكرس الصورة التي كونها الطفل عن نفسه او ربما لتصحيحها في بعض الاحيان عن طريق الاساليب التربوية التي يتبعها المعلم في الصف.
ويكون مفهوم الطفل لذاته مرنا وهو صغير وكلما كبر الطفل اتجه مفهومه لذاته نحو الثبات والرسوخ لذلك فانه من المهم جدا ان نشرع في تطبيق برامج تنمية الثقة بالنفس وتنمية مفهوم الذات مع الاطفال منذ الصغر وكذلك على الاباء والمعلمين ان يطبقوا الاساليب التربوية الصحيحة في التعامل مع الطفل منذ نعومة اظفاره لان تأثيرها يكون ناجحا وناجعا عندما يكون التدخل مبكرا .
ومع الاسف ان الاباء والمربين يستخدمون اساليب تربية خاطئة مع الطفل ومن غير قصد بحيث يزرعون الخوف والقلق وعدم الثقة في نفوس الاطفال فنرى ان العديد من الآباء يستخدمون اسلوب الضرب والعقاب البدني او اثارة الالم النفسي او اسلوب التذبذب في المعاملة او التدليل المفرط للابناء، وفي كثير من الاحيان يشعر الاباء والمعلمون الطفل انهم يضعون توقعات منخفضة ازاء تقدمه في سلوكه وانجازه,
النبوءة تحقق ذاتها
هناك نظرية ثبتت صحتها في كثير من الحالات وهي نظرية((النبوءة التي تحقق ذاتها )) ومفادها اننا اذا اعتقدنا ان الطفل فاشل وكسول فانه سوف يفشل لا محالة لان عقل الطفل يعمل كجهاز رادار يلتقط جميع الاشارات التي يشعر بها من الابوين ومن المعلمين ، وبالتالي اذا التقط الاشارة التي تقول له انك فاشل فانه سوف يسلك سلوكا يحقق هذا التوقع والعكس صحيح لانه يصدق هذه الاشارات التي تصدر عنا بالاقوال والافعال.
دعوني اقص عليكم هذه القصة التي اجراها احد الباحثين في احد الصفوف . جاء هذا الباحث واخبر الملعمة بعد ان اختار عينتين عشوائيتين من صفها (ان العينة الاولى من الطلاب) ذكاؤهم محدود لذلك فانه من المؤكد ان أدائهم سوف يكون متدنيا بينما (افراد العينة الثانية) قدراتهم عاليه وهم سوف يحققون مستوى عال من التحصيل
ولكن اللعبة التي لعبها هذا الباحث على المعلمة انه لم يكن يعرف مطلقا القدرات الحقيقية لهاتين المجموعتين ولكنه اراد ان يختبر نظرية النبوءة التي تحقق ذاتها فماذا وجد؟
عندما عاد الى نفس المدرسة في نهاية العام الدراسي وجد بالفعل ان أداء المجموعتين كان متماشيا مع توقعاته التي نقلها الى المعلمة ،
ويبدو ان المعلمة بدورها قد صدقت هذا الكلام وترجمته دون ان تشعر من خلال سلوكها مع طلابها الذين التقطوا هذه الرسالة بدورهم وصدقوها وسلكوا سلوكا يتماشى مع هذه التوقعات وبذلك تحققت النبوءة والتوقعات ..
والمقصود من هذا الكلام اننا يجب ان نضع توقعات عالية لابنائنا نثق بقدراتهم حتى تؤثر على مفهومهم لذواتهم بصورة ايجابية وينعكس بالتالي على اداءهم في البيت او المدرسة.